السؤال : ما هو الحكم الفصل في مسألة الغناء،إذ أصبح الخلاف فيها بارزاً،وكثرت الأقوال فيها،فأصبح المسلم في حيرة من أمره ؟ بارك الله فيكم ونفع بعلمكم اللهم آمين:
الجواب : الحمد لله وحده لا شريك له، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فلا شك في أن مسألة الغناء مسألة كثر الجدل حولها،إذ تعددت أقوال أهل العلم ما بين مبيح ومحرم، مما أوقع الناس في حيرة وتخبط، فكان لا بد من التطرق إلى بيان حكم الغناء بياناً مفصلاً بعض الشيء بما يقتضيه المقام حتى تتجلى الأمور وتتضح، فلا يبقى في القلب شبهة أو تردد إلا على من عميت بصيرته،وغلبته شهوته والعياذ بالله، فأقول مستعيناً بالله وحده: إن الغناء في صورته الحالية، مصدر فساد وإفساد، وانسلاخ من كل القيم الحميدة، والأخلاق الحسنة، ودعوة صريحة إلى التخلي عن العفة والصيانة، ومصائد شيطانية تدخل المجتمع المسلم في دوامة الفواحش والمنكرات، وهذا لا يخفى إلا على أصحاب الشهوات والشبهات الذين أعمى الله قلوبهم عن النور المبين،وزلت أقدامهم عن الصراط السوي المستبين، وعندما نتحدث عن حكم الغناء،لا بد أن نأخذ بالحسبان أن الغناء الذي اختلف في حكمه قديماً ليس هذا النوع من الغناء الفاحش الماجن الساقط، الذي فساده ظاهر، وشرره منتشر، وضرره محتم،بل هو دعوة إفساد عريض،وتسويق للباطل، وخلع للمسلم عن دينه وأخلاقه، والقاعدة العامة التي يقوم عليها ديننا الحنيف،أن الإسلام يحارب الفساد وأهله ،ويعمل على نشر الخير،وصيانة المجتمع من كل مظاهر الغواية، قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة )
ولا شك من أن أصحاب هذا النوع من الغناء ، من مطربين ومطربات،لا يريدون بأعمالهم هذه إلا نشر الفساد والرزيلة بين الناس ، ولو لم يقم دليل واحد على تحريم الغناء، لكان الغناء في صورته الحالية محرماً بإجماع العقلاء من أهل الدين والصيانة، كيف وقد استفاضت الأدلة الشرعية على تحريم الغناء والاستماع إليه من الكتاب والسنة ،وإجماع الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين من أصحاب المذاهب وغيرهم، وإليك بعض أدلة تحريم الغناء:
أولاً : أدلة تحريم الغناء من الكتاب الكريم : قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (6)لقمان)
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان: قال الواحدي وغيره: أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث : الغناء، قاله ابن عباس في رواية سعيد بن جبير،ومقسم عنه، وقاله عبد الله بن مسعود في رواية أبي الصهباء عنه، وهو قول مجاهد وعكرمة. أهـ
إلا أن قائلاً قد يقول : إن الآية متعلقة بشراء لهو الحديث للصد عن سبيل الله ، لا بمجرد السماع، فكيف يستدل بهذه الآية على تحريم الغناء وسماعه؟؟
الجواب عن هذه الشبهة: هذا راجع إلى أحد أمرين: إمّا أن يكون لفظ الشراء يدل على البدل ، قال الواحدي رحمه الله تعالى : قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن،وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء،فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار وهو كثير في القرآن .أهـ
وإمّا أن يقصد باللفظ المآل لا مجرد الحال ، وهذا كثير في القرآن أيضاً قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ آل عمران ) وقال سبحانه: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (4)الإسراء )
ومن ناحية أخرى :فإن لهو الحديث - وهو الغناء – صد عن سبيل الله بلا ريب، فيستحيل أن يجمع المرء في قلبه بين القرآن والغناء، فمن عمر وقته بسماع الغناء،فقد نأى بنفسه عن ذكر الله سبحانه، وهذا بين .
أدلة تحريم الغناء من السنة الصحيحة:
1: عن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكوننّ من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) . حديث صحيح رواه البخاري وغيره،وهو حديث صريح الدلالة على تحريم الغناء، وقد ذهب ابن حزم الأندلسي رحمه الله تعالى إلى تضعيف الحديث متوهماً عدم اتصاله، وسار خلفه بعض المتعالمين دون أدنى نظر أو تمعن وقد رد ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى على هذه الشبهة رداً جامعاً مانعاً، مغلقاً على كل صاحب شبهة شبهته، فقال رحمه الله تعالى في كتابه- إغاثة اللهفان- ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئاً كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع – أي الحديث- لأن البخاري لم يصل سنده به، وجواب هذا الوهم من وجوه:
إحداها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار، وسمع منه،فإذا قال :قال هشام بن عمار، فهو بمنزلة قوله: عن هشام .
الثاني : أنه لو لم يسمع منه لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد صح أنه حدث به، وهذا كثيراً ما يكون لكثرة من رواه عن ذلك الشيخ وشهرته، فالبخاري أبعد خلق الله من التدليس.
الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجاً به، فلولا صحته عنده لما فعل ذلك – ذلك لأن البخاري رحمه الله تعالى قطع على نفسه عهداً ألا يدخل في كتابه إلا ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم –
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض، فإنه إذا توقف في الحديث-أي في صحة نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم-أو لم يكن على شرطه – وهو التقاء الراوي والسماع منه- يقول : يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر عنه، ونحو ذلك –أي بصيغة الفعل المبني للمجهول، وهذه الصيغة تدل على عدم الجزم بنسبة الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم- فإذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقد جزم وقطع بإضافته إليه .
الخامس : أنا لو ضربنا عن هذا كله صفحاً،فالحديث صحيح متصل عند غيره .أهـ أي إذا كان الحديث قد رد بسبب تعليق البخاري له،فقد روى الحديث بسند صحيح متصل غير معلق غير البخاري كأبي داود رحمه الله تعالى،فيكون ما تذرع به القوم من كون حديث البخاري معلقاً مردوداً باتصال الحديث عند غير البخاري وهذا بين جلي،وإلا فكل حديث صح إسناده ولم ينكر متنه وجب العمل به سواء أكان عند البخاري أم عند غيره .
2 : وعن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه أيضاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليشربنّ ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها،يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم قردة وخنازير ) . وهذا حديث صحيح رواه ابن ماجة في سننه، والإمام أحمد في مسنده ،وهو عند أبي داود في السنن، والبخاري في التاريخ الكبير،وتحريم المعازف في هذا الحديث بينٌ أيضاً ،إلا أنه قد يقول قائل : إن هذا الحديث متعلق بشرب الخمر، لا بالمعازف والغناء، فكيف يستدل بهذا الحديث على تحريم الغناء ؟؟
أقول : إن ما ورد في هذا الحديث من صفات وأفعال، جاء بسياق الذم ، فإن ما يناسب مقام الفسق والفجور، الغناء والعزف،لا ما أحل الله سبحانه، وقد أتى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على الصفات التي استحق عليها القوم الخسف والمسخ ،ولو أضفنا هذا الحديث إلى الذي قبله، لخرجنا بأمر موحد لا اختلاف فيه، وهو تحريم الغناء قطعاً.
3 : وعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى حرم على أمتي الخمر والميسر والكوبة والغبيراء ، وكل مسكر حرام ) . وهو حديث صحيح ،رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والبيهقي ، قال الحسن رحمه الله تعالى : الكوبة الطبل .أهـ
فإذا كان الطبل مجرداً حراماً، فكيف إذا أضيف إليه ما أضيف ؟؟
وقد وردت في السنة أحاديث كثيرة تدل على تحريم الغناء، لا يخلو معظمها من ضعف متفاوت، إلا أنها كما قال الشوكاني وغيره، ترقى بمجموعها إلى درجة الحسن ، وفيما ذكرنا من الأحاديث الصحيحة غنية عن ذكر غيرها والله سبحانه أعلى وأعلم .
بعض أقوال أهل العلم من الصحابة وغيرهم في تحريم الغناء :
قال أبو الصهباء رحمه الله تعالى : سألت ابن مسعود رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ(6)لقمان)
فقال :والله الذي لا إله غيره ،هو الغناء . يكررها ثلاث مرات . وصح هذا التفسير عن ابن عمر، وابن عباس ، وعبد الله بن أبي رضي الله تعالى عنهم .
وعن عبد الرحمن بن يزيد رحمه الله تعالى : عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : ( الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع ) . وقد روي هذا الحديث مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن في إسناده مقالاً، وهو صحيح إلى ابن مسعود كما ذكرنا.
وقد ذهب إلى تحريم الغناء أكابر أهل العلم كأصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم ،قال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله تعالى : سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عما يرخص به أهل المدينة من الغناء، فقال : إنما يفعله عندنا الفساق . وقال – أي أبو بكر- وأما أبو حنيفة ،فإنه يكره الغناء، ويجعله من الذنوب.- ومعنى يكره أي يحرمه بدليل قوله : ويجعله من الذنوب- وأما الشافعي فقال : إن الغناء لهو مكروه،يشبه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته .أ هـ
وأما مذهب الإمام أحمد فهو بين قال ابنه عبد الله رحمه الله تعالى : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق في القلب، ولا يعجبني ثم ذكر قول الإمام مالك : إنما يفعله عندنا الفساق .
وقد حكى أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى الإجماع على تحريم الغناء، فقال : وأما إباحة هذا السماع وتحليله – أي الغناء- فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع أو الاختلاف أنه أباح هذا السماع ، والخلاف المنقول عن بعض أصحاب الشافعي، إنما نقل في الشبابة منفردة، والدف منفرداً ، فمن لم يحصل أو يتأمل ربما اعتقد خلافاً بين الشافعيين في هذا السماع الجامع للملاهي، وذلك وهم بين من الصائر إليه، تنادي عليه أدلة الشرع والعقل ، مع أنه ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ أقاويلهم تزندق أو كاد ... أهـ
ومن ذكرت لك من أهل العلم ، هم القوم لا يشقى جليسهم،فاسلك سبيلهم تنج .
شبه والرد عليها .
قد يقول قائل : صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم ينه عن الغناء كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها إذ قالت: (دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه ، فدخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند رسول الله ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( دعهما فإنه يوم عيد ) ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا ، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق ـ الترس- والحراب ، فإما سألت رسول الله ، وإما قال: ( تشتهين تنظرين ؟ فقلت : نعم ، فأقامني وراءه ، ورأسي على منكبه وخدي على خده ، حتى إذا مللت قال : حسبك ؟ قلت: نعم ) ، وفي رواية : فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه ، فجعلت أنظر إلى لعبهم ، حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم ) متفق عليه .
والجواب عن هذه الشبة من وجوه :
أولاً : إن قول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، متعلق بغناء جاريتين، والجارية هي البنت الصغيرة التي لم تبلغ الحلم، وكان غناؤهما مجرداً عن المعازف والقول القبيح وما إلى ذلك،وإن يقاس غناء هاتين الجاريتين، بغناء هذا الزمان،قياس مع الفارق، وهو قياس باطل بلا ريب .
ثانياً : إن غناء الجاريتين كان في يوم عيد، والغناء في الأعياد والأعراس جائز إن لم يخرج عن الضوابط الشرعية، وهذا واضح من قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : دعهما فإنه يوم عيد . فلفظ –فإنه- تعليل،أي علل الرسول صلى الله عليه وسلم نهيه لأبي بكر عن زجرهما بأنه يوم عيد.
ثالثاً : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر على أبي بكر رضي الله تعالى عنه، تسميته للغناء مزمار الشيطان،فقد أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك،ولو كان ما قاله أبو بكر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ، لما أقره عليه السلام على ذلك،ولبين له وهذا في غاية الوضوح،بل كما سبق فالرسول صلى الله عليه وسلم علل جواز غناء الجاريتين بأنه يوم عيد،ومن ناحية أخرى ما كان لأبي بكر رضي الله تعالى عنه أن ينهى عن شيء بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم حكمه.
رابعاً : إن هذا الحديث ينسجم مع ما قبله من الأحاديث المحرمة للغناء، ولا تعارض بين النصوص،وإن كان هنالك تعارض في الظاهر،فالواجب أن يجمع بين النصوص،لا أن يرد بعضها ببعض،والحجة التي تذرع بها بعض الناس على ضعف الأحاديث التي دلت على تحريم الغناء حجة واهية كما سبق،وإعمالاً للجمع بين النصوص الشرعية،يتبن أن الأحاديث التي قد تدل بظاهرها على إباحة السماع ، مخصوصة بالأعياد أو الأعراس ،أو بضرب الدف مجرداً، فلا بد من التخصيص،أما إطلاق الحكم فهذا خطأ لا ريب فيه.
وأما حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع مزماراً، فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق وقال : يا نافع هل تسمع شيئاً؟ فقال:لا. فرفع إصبعيه من أذنيه وقال : كنت مع الرسول صلى الله عليه وسلم،فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا .
فهذا حديث رواه أبو داود في سننه ،قال أبو علي اللؤلؤي رحمه الله تعالى : سمعت أبا داود يقول :هذا حديث منكر. أهـ
ولكن نقول على فرض صحته إذ حسنه بعض أهل العلم،لا حجة فيه لمن أباح الغناء، بل هو حجة عليه، أوليس من الدين والعقل أن تنأى بنفسك عن ما نأى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أوليس من الحكمة والإتباع ،أن تعرض عن سماع ما أعرض الرسول صلى الله عليه وسلم عن سماعه؟ فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نأى عن الطريق الذي سمع فيه صوت مزمار، فكيف لو كان الذي سمعه ما تسمعه أنت اليوم من مطربي ومطربات هذا الزمان؟ أسألك بالله أن تقف مع نفسك وقفة صادقة وتسأل نفسك،لو كان الرسول صلى الله علي وسلم بين ظهرانينا اليوم ثم سمع ما نسمع، ورأى ما نرى ،هل سيقر هذا ويقول: دعهما يا أبا بكر؟ فالجواب عن هذا واضح لكل من أراد الخير، وسعى لتحقيقه، وأخيراً أذكرك بقوله تعالى : ( وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)الشعراء
فإذا كان الشعر مجرداً لا يتبع أهله إلا الغاوون ،فكيف إذا صحبته تلك المعازف، وغنته الساقطات، أو المتشبهين ؟؟؟
والله سبحانه أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين