The Prophet Muhammad

لهذه الأسباب لعن اليهود

لهذه الأسباب لعن اليهود
كتبه/ ياسر عبد التواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد يتساءل البعض -أحيانًا-: لماذا يحمل المسلمون هذا الحنقَ ضد اليهود؟ هل هذا بسبب التعصب أم له ما يبرره؟
يتحدث بهذا بعض الأوروبيين الذين يعيشون في عالم وَهْمِيٍّ من الحضارة، بينما يغفلون عن الحقائق التي غيبهم عنها الإعلامُ والسياسةُ الموجَّهة بكل خبث واقتدار؛ لتجعل منهم قطيعًا مسوقًا؛ بينما هم في غفلة عن ذلك الإطار المرسوم الذي لا يملكون الخروج عنه.
أقول: يردد تلك المقولة أناس منهم؛ لأنهم لم يطلعوا على الواقع، ولم يُخبَروا حقائقَ التاريخ، ولم يستضيئوا بهدي الدين؛ ولأن لدينا بعض الببغاوات، فإن جهلتهم إلى وقت قريب ظلوا يرددون ذلك الاستغراب بكل سذاجة -أو قل: عَمَالة-، لذا؛ قلتُ: فلأُجَلِّي شيئًا من أسباب لعن اليهود، ولأُجِيبَ على هذا السؤال: لماذا ننقم على اليهود بهذه الطريقة؟
وأقول أولا: إننا لا نفعل ذلك لمجرد كونهم أتباع دين آخر، فنحن نعلم بأن الله -تعالى- لم يكلفنا بإجبار غيرنا على اتباع ديننا أو ترك دينه، وإنما نحن هنا نتحدث عن واقع مادي، وواقع فكري هو الذي حدا بنا إلى النظر إليهم -أو إلى من يقر منهم بهذا وهم الأكثرية- بهذه الطريقة.
ولا يحتاج المرء إلى كثير استدلال بالواقع المادي؛ ليرد على هذا التساؤل واصفًا ما يفعلونه من ظلم غشوم، وقتل بلا مبرر، وغرور حقير يدعمه -دائمًا- الاستتار بالأقوياء والتقوي بهم، وهذا الأذى يـُعجل لهم بعقوبة الله ولا بد، مما يحدث في فلسطين ولبنان، لكن دعونا نتناول الأمر –أيضًا- من الناحية الشرعية -أي: الواقع الفكري-، فقد فعل اليهود أشياء كثيرة متجرئة على الدين نفسه -دينهم هم-، وأفسدوا في الأرض -أيضًا- فسادًا عظيمًا؛ فاستحقوا بذلك عقاب الله -تعالى- ولعنته.
ولك أن تتخيل أي فساد فيهم، وأي ظلم منهم يجعل ربهم -وهو أرحم الراحمين، ورب العالمين، ورحمته وسعت كل شيء- يلعنهم ويغضب عليهم، بل ويمسخ بعضًا منهم قردة وخنازير، فقد ورد لعن اليهود في القران الكريم في آيات كثيرة، منها: قول الله -تعالى-:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة:78)، وقوله -تعالى-:(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) (المائدة:60).
والآن دعنا نذكر -تحديدًا- بعض تلك الأسباب التي استحقوا بها هذا العقاب:
1- كفروا بآيات الله، وتبع ذلك جرأتهم على الأنبياء، واعتدائهم عليهم، قال -تعالى-: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (البقرة:61).
2- آمنوا بالجبت والطاغوت، وكفروا بالله -تعالى-؛ حتى إنهم -وبكل حقد وحسد- زينوا لكفار قريش الاستمرارَ على رفضهم وكفرَهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما استشارتهم قريش، فقالوا لهم: أنتم أهدى من محمد -صلى الله عليه وسلم- سبيلاً، بينما هم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وكانوا يتوعدون سكان المدينة ببعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبأنهم سيتبعونه، فلما جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفروا به؛ قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلاأُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) (النساء:51-52).
3- عبدوا العجل من دون الله بعد أن أنجاهم الله -تعالى- من الغرق وعاينوا بأنفسهم النجاة، قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ) (الأعراف:148).
4- نبذوا كتابَ اللهِ وراء ظهورهم، وصدوا عن سبيله، واتبعوا الشياطين، قال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (البقرة: 101).
5- رفضوا التحاكم إلى كتاب الله، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (آل عمران:23).
وذكر النقاش أن هذه الآية نزلت؛ لأن جماعة من اليهود أنكروا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هلموا إلى التوراة؛ ففيها صفتي)؛ فأبوا.
كما أنهم كانوا يأبون أي دعوة للتحاكم إلى شريعتهم -وليس إلى شريعتنا- إن تعارض ذلك مع أهوائهم، وهذا يجرنا إلى النقطة التالية، وهي:
7- أنهم حرفوا كلام الله وبدلوه، وبدلوا حكم الله، فجاملوا الشرفاء، وأقاموا الحد على الضعفاء، قال -تعالى-: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) (النساء:46). فلأنهم أصحاب تجرؤ على الله -تعالى- فإنهم لا يتورعون عن مخالفة حكمه في العقائد أو الأوامر لاسيما الحدود التي يكون فيها عقاب يؤذي بعض أصحاب النفوذ فيهم، وكلمتهم الكاشفة عن شديد التبجح والجرأة أنهم يقولون: سمعنا وعصينا، وهو مزيد حمق وجهل بالله وقدرته عليهم، -نعوذ بالله من الخذلان، ومن الجرأة عليه-.
8- ومما استحقوا به اللعن: أنهم كتموا الحق وهم يعلمون، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:146)، وقد كانوا يعرفون صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فجحدوها وأنكروها بالرغم من أنهم يعرفون صفته كما يعرف الإنسان ولده، وخص الأبناء في المعرفة بالذكر دون الأنفس وإن كانت ألصق؛ لأن الإنسان يمر عليه من زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه.
وروي أن عمر قال لعبد الله بن سلام -رضي الله عنه-: "أتعرف محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كما تعرف ابنك؟ فقال: نعم وأكثر، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته؛ فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه".
9- تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فلعنهم الله على لسان داود وعيسى ابن مريم -عليهما السلام-، قال -تعالى-: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79).
10- أكلوا الربا وكلَ حرام: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (النسـاء:160-161).
11- قالوا على الله الكذب؛ فقاموا بتحريف الكتاب، وقالوا: إنـَّهُ من عند الله، ولهذا؛ فضح الله حالهم بقوله -تعالى-: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78).
12- ومن إساءة أدبهم وسوء عقائدهم: أنهم نسبوا لله -تعالى- كل نقيصة، فوصفوه بالبخل -وهم أرباب البخل على مر العصور-، قالوا: يدُ الله مغلولة؛ فلعنوا، لذلك؛ قال -تعالى-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) (المائدة:64).
13- وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، ولقد سجل القرآن هذا القول البشع أيضاً (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (آل عمران:181)، فهل يطمعون بعد كل هذه الإساءات المتوارثة عبر العصور في رحمة أم عذاب؟!
14- وقالوا: نَحْنُ أبناء الله وأحباؤه، ولقد سجل الله -عز وجل- قولهم هذا في القرآن الكريم، وبيَّن كذبه؛ فقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) (المائدة:18)، وهذه ثالثة الأثافي كما يقولون، فبعد كل فسادهم وضلالهم يعتقدون أنهم أفضل خلق الله، ولا تزال تلك العقيدة تحركهم وترسم خططهم، وتذكي نار حقدهم على البشر الذين -من وجهة نظرهم- لا يستحقون الحياة إلا أن يكونوا خدما لهم!
15- مما استحقوا به اللعن وغضب الله عليهم ما رددوه من افتراءات متتالية، فقد افتروا على الله الكذب -كما مر بنا- بتحريف دينه عن علم منهم، أو بالقول عليه بغير علم، وكلا الخصلتين سوء وظلم.
ونضيف إلى تلك الافتراءات: أنهم جعلوا لله ولدًا -تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا-؛ فقالوا: عزير هو ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(التوبة:30).
16- من أسباب لعنهم: كثرة افتراءاتهم، وأنهم لا يتورعون عن قذف أطهر الناس بأفحش الصفات حتى آذوا الأنبياء بهذا، وفيما يسمى "العهد القديم" من ذلك مخازٍ كثيرة منسوبة لأنبياء كرام مثل: نوح ولوط -عليهما السلام- وغيرهما، وكذلك ما نسبوه لمريم الطاهرة حيث بلغ من إثمهم أنهم كذبوا عليها فرموها بالفاحشة النكراء -والعياذ بالله-، وهي الطاهرة العفيفة التي اصطفاها الله وطهرها وفضلها على نساء العالمين، وسجل القرآن ذلك: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) (النساء:156).
17- ومن افترائهم على الله وتهاونهم بأمره -تعالى-: ما كان من جرأتهم على أنبيائه، فهم قتلة الأنبياء كما قال -تعالى-: (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (آل عمران:181)، فقتلوا زكريا ويحيى -عليهما السلام-، وادعوا قتل المسيح -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(النساء:157-108)، وفي "تلمودهم" المكذوب يؤكدون على أنهم قتلوه وصلبوه حيث يقولون: "أخيرًا لقي ميتةً حقيرةً بشنقه على صليب في ليلة عيد الفصح اليهودي، وذلك عقابًا له على جرائمه وعقوقه".
وحاولوا اغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهنا دعنا نمر على بعض تلك المحاولات الآثمة وأبرزها:
أ- محاولة يهود بني النضير قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- بإلقاء صخرة عليه وهو جالس إلى جنب جدار بيت من بيوتهم.
ب- محاولة قتله -صلى الله عليه وسلم- بالسحر على يد الساحر اليهودي لبيد بن الأعصم، وقد وردت هذه القصة في "الصحيحين" من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
ج- محاولة قتله بالسُّم، وجاءت هذه القصة في "الصحيحين" من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
ومن أسباب لعنهم -أيضًا- أنهم اعتدوا في السبت الذي حرم الله عليهم العمل فيه، فاجتهدوا في المخالفة والاستهزاء، وكان منهم: أصحاب القرية، ومنهم: من مسخه الله -تعالى- قردة وخنازير، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة:65).
18- ومن أسباب لعنهم -أيضًا-: أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فعظموها حتى عبدوها من دون الله -تعالى-، فبدلاً من أن تكون مكانًا للعبادة والطاعة إذا بهم يحولونها إلى مقر للشرك والفتنة والصد عن سبيل الله، وعليهم بذلك إثم من اقتدى بهم، وتشبه بأحوالهم ممن جاء بعدهم، فقد روى الإمامان: البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عائشة وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: "لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا(متفق عليه).
فتلك -إذن- بعض أسباب لعنهم.. ولعن من تشبه بهم وركن إليهم، وفعل مثل ما فعلوا.
هم استحقوا اللعن بأسباب فلم يظلمهم الله -تعالى-، ولم يظلمهم المسلمون، بل وفوا لهم، وأدوا ما عليهم؛ فلم يجدوا إلا الخيانة والأذى، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
ونحن هنا نذكر ذلك ليس معاداة لجنسهم -فقد استوعبت حضارتنا من أسلم منهم-، وإنما نذكر ذلك؛ لنعتبر، ولنعلم أنهم لم يلعنوا لذواتهم، وإنما بسبب ما اقترفوه؛ لنأخذ الحذر من تلك الخصال، وننتبه لكيدهم، وظلمهم.
فلنحذر من كيدهم، ولنبتعد عن خصالهم؛ تكن لنا السلامة والخير في الدنيا والآخرة.
Share this article :
 
« رسالة أقدم رسالة أحدث » الصفحة الرئيسية
القرآن الكريم